هذا الكتاب
.. يقصّ عليك سيرة ثُلة كريمة من أغنياء أهل العلم.
فيهم الملوك، ومعلوم أن شهوة الملوك إنما هي في الحكم والترأس والتوسّع، لا في الاطلاع على العلوم والمعارف وجمع الكتب والدفاتر!
وفيهم الوزراء، ومعروف أن شهوة الوزراء إنما هي في التجويد والإتقان لما يناط بهم من أعمال؛ كي ينالوا بذلك رضا السلطان، فيرقوا في درجاتهم، أو يثبتوا على أقل تقدير في أماكنهم، وليست شهوتهم في التوفر على المطالعة والسهر للمذاكرة!
وفيهم التجار، ومعلوم أن شهوة التجار هي في الكسب والربح وتوسعة التجارة وملء الكيس بالمال، لا في ثني الركب بين يدي الشيوخ للدرس والتدوين وملء الكيس بالكتب والكراريس!
هذه شهواتهم وملذاتهم، لا تلك، فما الذي حوّلهم وغيّرهم حتى تركوا ما شأنه أن يشغلهم ويلذّهم وعليه يحسدهم الناس ويغبطونهم، إلى ما يُظنّ أنه ليس كذلك؟
والجواب: إنه العلم، الذي تفوق لذّته كل لذّة، قد أدركها هؤلاء الرؤساء فزاحموا عليها بالمناكب، ولو لم يظفروا بها إلا عن طريق المجالدة بالسيوف لفعلوا!
وسطور الكتاب تنبئك من أخبارهم هذه عجبًا.
أحمد الجوهري